فصل: الْبَابُ السَّادِسُ فِي الشَّهَادَةِ فِي الْمَوَارِيثِ:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الفتاوى الهندية



.الباب الخامس فيما يتعلق بالمحدود في الشهادة على المحدود:

لَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِ الْحُدُودِ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
إذَا كَانَتْ الشَّهَادَةُ بِحَضْرَةِ الْعَقَارِ لَا يُحْتَاجُ إلَى بَيَانِ الْحُدُودِ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
إذَا ذَكَرَ الشُّهُودُ ثَلَاثَةَ حُدُودٍ قُبِلَتْ شَهَادَتُهُمْ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
فِي الْفَصْلِ السَّابِعِ مِنْ كِتَابِ أَدَبِ الْقَاضِي.
إنْ لَمْ يَكُنْ الْعَقَارُ مَشْهُورًا فَشَهِدَ الشُّهُودُ عَلَى الْحُدُودِ الثَّلَاثَةِ وَقَالُوا لَا نَعْرِفُ الرَّابِعَ جَازَتْ شَهَادَتُهُمْ اسْتِحْسَانًا وَيُقْضَى بِهَا لِلْمُدَّعِي وَيُجْعَلُ الْحَدُّ الثَّالِثُ مُحَاذِيًا لِلْحَدِّ الْأَوَّلِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
إذَا ادَّعَى أَرْضًا مُثَلَّثَةً وَذَكَرَ حَدَّيْنِ لَا غَيْرَ وَالشُّهُودُ ذَكَرُوا حَدَّيْنِ لَا غَيْرَ تَصِحُّ الدَّعْوَى وَالشَّهَادَةُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
لَوْ ذَكَرَ الْحُدُودَ الْأَرْبَعَةَ لَكِنَّ أَحَدَ الْحُدُودِ بَقِيَ مَجْهُولًا لَا يَضُرُّهُ، هُوَ وَالتَّرْكُ سَوَاءٌ، وَلَوْ غَلِطَ الشَّاهِدُ فِي أَحَدِ الْحُدُودِ لَا تُقْبَلُ هَكَذَا ذَكَرَ الصَّدْرُ الشَّهِيدُ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- فِي أَدَبِ الْقَاضِي مُطْلَقًا، وَذَكَرَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- أَنَّهُ لَا تُقْبَلُ عِنْدَ الْبَعْضِ وَتُقْبَلُ عِنْدَ الْبَعْضِ قَالَ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- وَالْفَتْوَى عَلَى مَا أَوْرَدَهُ الصَّدْرُ الشَّهِيدُ أَنَّهُ لَا تُقْبَلُ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
.
وَإِنَّمَا يَثْبُتُ غَلَطُ الشَّاهِدِ فِي ذَلِكَ بِإِقْرَارِ الشَّاهِدِ أَنِّي قَدْ غَلِطْتُ فِي ذَلِكَ، أَمَّا لَوْ ادَّعَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَنَّ الشَّاهِدَ قَدْ غَلِطَ فِي الْحُدُودِ، أَوْ فِي بَعْضِهَا لَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ، وَلَوْ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى ذَلِكَ لَا تُسْمَعُ بَيِّنَتُهُ هَكَذَا حَكَى فَتْوَى الشَّيْخِ الْإِمَامِ شَمْسِ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيِّ وَالشَّيْخِ الْإِمَامِ الْأُوزْجَنْدِيِّ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى-، وَكَذَلِكَ لَوْ ادَّعَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ إقْرَارَ الْمُدَّعِي بِغَلَطِ الشَّاهِدِ فِي الْحَدِّ لَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ وَحُكِيَ عَنْ شَمْسِ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيِّ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- أَنَّهُ قَالَ: إذَا أَخْطَأَ الشَّاهِدُ فِي بَعْضِ الْحَدِّ، ثُمَّ تَدَارَكَ وَأَعَادَ الشَّهَادَةَ وَأَصَابَ فِي ذَلِكَ قُبِلَتْ شَهَادَتُهُ عِنْدَ إمْكَانِ التَّوْفِيقِ سَوَاءٌ تَدَارَكَ فِي ذَلِكَ الْمَجْلِسِ، أَوْ فِي مَجْلِسٍ آخَرَ وَتَفْسِيرُ إمْكَانِ التَّوْفِيقِ أَنَّهُ قَالَ: كَانَ صَاحِبُ الْحَدِّ فُلَانًا إلَّا أَنَّهُ بَاعَ دَارِهِ مِنْ فُلَانٍ وَنَحْنُ مَا عِلْمنَا بِهِ، أَوْ يَقُولُ كَانَ صَاحِبُ الْحَدِّ مَا قُلْنَا إلَّا أَنَّهُ سُمِّيَ بَعْدَ ذَلِكَ بِهَذَا الِاسْمِ وَنَحْنُ مَا عِلْمنَا بِهِ، وَعَلَى هَذَا، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
شَهِدَ شُهُودٌ عَلَى رَجُلٍ بِمَحْدُودٍ وَبَيَّنُوا الْحُدُودَ وَذَكَرُوهَا وَقَالُوا إنَّا نَعْرِفُهَا عَلَى الْحَقِيقَةِ وَالْمَشْهُودُ بِهِ فِي بَعْضِ الْقُرَى فَالْتَمَسَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مِنْ الْقَاضِي أَنْ يَأْمُرَ الشُّهُودَ بِالْخُرُوجِ إلَى تِلْكَ حَتَّى يُعَيِّنُوا الْمَحْدُودَ وَيُبَيِّنُوا الْحُدُودَ فَالْقَاضِي لَا يُلْزِمُ الشُّهُودَ ذَلِكَ هُوَ الصَّحِيحُ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
إذَا شَهِدَ الشُّهُودُ لِرَجُلٍ بِدَارٍ وَقَالُوا نَعْرِفُ الدَّارَ وَنَقِفُ عَلَى حُدُودِهَا إذَا مَشَيْنَا إلَيْهَا لَكِنَّا لَا نَعْرِفُ أَسْمَاءَ الْحُدُودِ فَإِنَّ الْقَاضِيَ يَقْبَلُ ذَلِكَ مِنْهُمَا إذَا عَدَلَا وَيَبْعَثُهُمَا مَعَ الْمُدَّعِي وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَأَمِينَيْنِ لَهُ لِيَقِفَ الشُّهُودُ عَلَى الْحُدُودِ بِحَضْرَةِ أَمِينَيْ الْقَاضِي، فَإِذَا وَقَفَا عَلَيْهَا، وَقَالَا: هَذِهِ حُدُودُ الدَّارِ الَّتِي شَهِدْنَا بِهَا لِهَذَا الْمُدَّعِي يَرْجِعُونَ إلَى الْقَاضِي فَيَشْهَدُ الْأَمِينَانِ أَنَّهُمَا وَقَفَا عَلَى الدَّارِ وَشَهِدَا بِأَسْمَاءِ الْحُدُودِ فَحِينَئِذٍ يَقْضِي الْقَاضِي بِالدَّارِ الَّتِي شَهِدَا بِهَا بِشَهَادَتِهِمَا، وَكَذَا هَذَا فِي الْقُرَى وَالْحَوَانِيتِ وَجَمِيعِ الضِّيَاعَاتِ، كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ.
وَهَذَا أَظْهَرُ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَلَوْ شَهِدَا أَنَّ الدَّارَ الَّتِي فِي بَلْدَةِ كَذَا فِي مَحَلَّةِ فُلَانٍ تُلَاصِقُ دَارَ فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ الْفُلَانِيِّ، وَهِيَ فِي يَدِ فُلَانٍ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ هَذَا لِهَذَا وَلَكِنْ لَا نَعْرِفُ حُدُودَهَا، وَلَا نَقِفُ عَلَيْهَا، فَقَالَ الْمُدَّعِي لِلْقَاضِي أَنَا آتِيكَ بِشُهُودٍ آخَرِينَ يَعْرِفُونَ حُدُودَ هَذِهِ الدَّارِ وَأَتَى بِشَاهِدَيْنِ شَهِدَا أَنَّ حُدُودَهَا كَذَا وَكَذَا اخْتَلَفَ جَوَابُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي النُّسَخِ ذُكِرَ فِي بَعْضِهَا أَنَّ الْقَاضِيَ يَقْبَلُ ذَلِكَ وَيَحْكُمُ بِهَا لِلْمُدَّعِي وَذُكِرَ فِي بَعْضِهَا أَنَّهُ لَا يَقْبَلُ، وَلَا يَحْكُمُ بِهَا لِلْمُدَّعِي، وَكَذَا الْقُرَى وَالضِّيَاعَاتُ وَالْحَوَانِيتُ وَجَمِيعُ الْعَقَارَاتِ عَلَى هَذَا، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.
ذَكَرَ ظَهِيرُ الدِّينِ الْمَرْغِينَانِيُّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ فِي شُرُوطِهِ، وَقَالَ: اخْتَلَفَتْ الرِّوَايَاتُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَالْأَظْهَرُ أَنَّهَا تُقْبَلُ؛ لِأَنَّ تَحَمُّلَ الشَّهَادَةِ غَالِبًا يَكُونُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ فَإِنَّهُ إذَا أَشْهَدَ الْبَائِعُ عَلَى الْبَيْعِ فِي الْبَلْدَةِ وَالْأَرْضِ، أَوْ الْكَرْمِ فِي السَّوَادِ فَالظَّاهِرُ أَنَّ الشُّهُودَ لَا يَعْرِفُونَ حُدُودَ الْمَبِيعِ لَكِنْ سَمِعُوا ذِكْرَ الْحُدُودِ فَيَشْهَدُونَ عَلَى تِلْكَ الْحُدُودِ الْمَذْكُورَةِ فِي الْبَيْعِ، وَإِنْ كَانُوا لَا يَعْلَمُونَ الْحُدُودَ عَلَى الْحَقِيقَةِ، كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ.
وَهُوَ الْأَصَحُّ، كَذَا فِي الْقُنْيَةِ.
وَهُوَ الصَّحِيحُ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
وَإِنْ لَمْ يَأْتِ الْمُدَّعِي بِشَاهِدَيْنِ يَشْهَدَانِ عَلَى أَنَّ الدَّارَ الْمُدَّعَى بِهَا عَلَى تِلْكَ الْحُدُودِ فَطَلَبَ مِنْ الْقَاضِي أَنْ يَبْعَثَ إلَيْهِ أَمِينَيْنِ مِنْ أُمَنَائِهِ إلَى الدَّارِ حَتَّى يَتَعَرَّفَا عَلَى حُدُودِهَا وَأَسْمَاءِ جِيرَانِهَا أَجَابَهُ الْقَاضِي إلَى ذَلِكَ، فَإِذَا بَعَثَهُمَا وَتَعَرَّفَا إنْ كَانَتْ حُدُودُ الدَّارِ وَأَسْمَاءُ جِيرَانِهَا تُوَافِقُ تِلْكَ الْحُدُودَ الَّتِي ذَكَرَهَا الشُّهُودُ وَأَخْبَرَ الْأَمِينَانِ الْقَاضِيَ بِذَلِكَ قَضَى الْقَاضِي بِالدَّارِ لِلْمُدَّعِي.
بِشَهَادَتِهِمْ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
هَذَا كُلُّهُ إذَا لَمْ تَكُنْ الدَّارُ مَشْهُورَةً، فَإِنْ كَانَتْ مَشْهُورَةً بِاسْمِ رَجُلٍ نَحْوُ دَارِ عَمْرِو بْنِ حُرَيْثٍ بِالْكُوفَةِ وَدَارِ الزُّبَيْرِ بِالْبَصْرَةِ وَشَهِدَ بِهَا الشَّاهِدَانِ لِإِنْسَانٍ، وَلَمْ يَذْكُرَا الْحُدُودَ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- وَتُقْبَلُ فِي قَوْلِ صَاحِبَيْهِ وَالضَّيْعَةُ إذَا كَانَتْ مَشْهُورَةً فَهِيَ عَلَى هَذَا الْخِلَافِ أَيْضًا، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَلَوْ قَالَ الشُّهُودُ نَحْنُ نَشْهَدُ أَنَّ الدَّارَ الَّتِي فِي كُورَةِ كَذَا فِي مَحَلَّةِ كَذَا تُلَاصِقُ مَسْجِدَ كَذَا مِلْكُ هَذَا الْمُدَّعِي وَحَقُّهُ وَلَكِنَّا لَا نَعْلَمُ أَسْمَاءَ الْجِيرَانِ، فَقَالَ الْمُدَّعِي أَنَا آتِي بِشَاهِدَيْنِ يَشْهَدَانِ عَلَى الْحُدُودِ فَإِنَّ الْقَاضِيَ لَا يَلْتَفِتُ إلَى هَذَا، كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ.
الشُّهُودُ إذَا لَمْ يَعْرِفُوا الْحُدُودَ وَسَأَلُوا الثِّقَاتِ وَفَسَّرُوا عِنْدَ الْحَاكِمِ تُقْبَلُ.
شَهِدُوا عَلَى إقْرَارِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِالدَّارِ وَفَسَّرُوا الْحُدُودَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ، وَلَا يَذْكُرُونَ إقْرَارَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِالْحُدُودِ تُقْبَلُ، كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ.
وَلَوْ قَالَ أَحَدُ حُدُودِهَا لَزِيقُ أَرْضِ (ميان ديهي) لَا تَحْصُلُ الْمَعْرِفَةُ بِهَذَا، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ؛ لِأَنَّ ميان ديهي مَجْهُولٌ جَهَالَةً مُتَفَاحِشَةً فَالْأَرَاضِي الَّتِي غَابَ أَرْبَابُهَا أَوْ مَاتَ أَرْبَابُهَا وَلَا وَارِثَ لَهَا تُسَمَّى ميان ديهي وَكَذَلِكَ الْأَرَاضِي الَّتِي تَرَكَهَا مُلَّاكُهَا عَلَى أَهْلِ الْقَرْيَةِ بِالْخَرَاجِ تُسَمَّى ميان ديهي وَكَذَلِكَ الْأَرَاضِي الَّتِي تُرِكَتْ لِرَعْيِ الدَّوَابِّ وَلَمْ تَدْخُلْ تَحْتَ الْقِسْمَةِ تُسَمَّى ميان ديهي، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَالْمُخْتَارُ أَنَّهُ إنْ ذَكَرَ اسْمَ ذِي الْيَدِ وَنَسَبَهُ يُكْتَفَى بِهِ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
وَلَوْ قَالَ: أَحَدُ حُدُودِهَا لَزِيقُ أَرْضِ وَرَثَةِ فُلَانٍ قَبْلَ الْقِسْمَةِ قِيلَ: تُقْبَلُ وَالْأَصَحُّ خِلَافُهُ، وَلَوْ قَالَ: لَزِيقُ أَرْضِ الْوَقْفِ لَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِ الْمَصْرِفِ، كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ.
وَلَوْ قَالَ: لَزِيقُ أَرْضِ الْمَمْلَكَةِ يُبَيِّنُ اسْمَ أَمِيرِ الْمَمْلَكَةِ وَنَسَبَهُ إنْ كَانَ الْأَمِيرُ اثْنَيْنِ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
رَجُلَانِ شَهِدَا عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ نَقَضَ حَائِطًا لِفُلَانٍ إنْ ذَكَرَا حُدُودَ الْحَائِطِ وَبَيَّنَا الطُّولَ وَالْعَرْضَ جَازَتْ شَهَادَتُهُمَا، وَإِنْ لَمْ يَذْكُرَا قِيمَتَهُ قَالَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَعِنْدِي لَا بُدَّ مِنْ أَنْ يَذْكُرَا أَنَّهُ مِنْ الْمَدَرِ، أَوْ مِنْ الْخَشَبِ وَبَيَّنَا مَوْضِعَهُ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
قَالَ: إذَا كَانَ لِرَجُلِ بَابٌ فِي دَارِ رَجُلٍ فَأَرَادَ أَنْ يَمُرَّ فِي دَارِهِ مِنْ ذَلِكَ الْبَابِ فَمَنَعَهُ صَاحِبُ الدَّارِ فَصَاحِبُ الْبَابِ هُوَ الْمُدَّعِي لِلطَّرِيقِ فِي دَارِ الْغَيْرِ فَعَلَيْهِ إثْبَاتُهُ بِالْبَيِّنَةِ وَرَبُّ الدَّارِ مُنْكِرٌ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ وَبِفَتْحِ الْبَابِ لَا يَسْتَحِقُّ شَيْئًا، فَإِنْ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ كَانَ يَمُرُّ فِي دَارِهِ مِنْ هَذَا الْبَابِ لَمْ يَسْتَحِقَّ الْمُدَّعِي شَيْئًا إلَّا أَنْ يَشْهَدُوا أَنَّ لَهُ طَرِيقًا تَامًّا فَحِينَئِذٍ الثَّابِتُ بِإِقْرَارِ الْخَصْمِ، وَإِنْ لَمْ يَحُدُّوا الطَّرِيقَ، وَلَمْ يُسَمُّوا أَذْرُعَ الْعَرْضِ وَالطُّولِ بَعْدَ أَنْ يَقُولُوا إنَّ لَهُ طَرِيقًا فِي هَذِهِ الدَّارِ مِنْ هَذَا الْبَابِ إلَى بَابِ الدَّارِ فَالشَّهَادَةُ مَقْبُولَةٌ، وَمِنْ أَصْحَابِنَا- رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى- مَنْ يَقُولُ تَأْوِيلُهُ إذَا شَهِدُوا عَلَى إقْرَارِ الْخَصْمِ بِذَلِكَ فَالْجَهَالَةُ لَا تَمْنَعُ صِحَّةَ الْإِقْرَارِ، فَأَمَّا إذَا شَهِدُوا عَلَى الْبَتَاتِ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ وَالْأَصَحُّ أَنَّهَا مَقْبُولَةٌ وَيُجْعَلُ عَرْضُ الْبَابِ حُكْمًا فَيَكُونُ عَرْضُ الطَّرِيقِ بِذَلِكَ الْقَدْرِ وَطُولُهُ إلَى بَابِ الدَّارِ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ فِي كِتَابِ الدَّعْوَى.
وَكَذَلِكَ عَلَى هَذَا إذَا كَانَ لَهُ بَابٌ مَفْتُوحٌ مِنْ دَارِهِ عَلَى حَائِطٍ فِي زُقَاقٍ وَأَنْكَرَ أَهْلُ الزُّقَاقِ ذَلِكَ، وَإِذَا كَانَ لِرَجُلٍ مِيزَابٌ فِي دَارِ رَجُلٍ فَهُوَ عَلَى هَذَا.
وَكَذَا النَّهْرُ إذَا كَانَ فِي أَرْضِ رَجُلٍ فَاخْتَلَفَا فِي ذَلِكَ إلَّا إذَا كَانَ الْمَاءُ جَارِيًا زَمَانَ الْخُصُومَةِ فَحِينَئِذٍ الْقَوْلُ قَوْلُ صَاحِبِ الْمَاءِ، وَكَذَلِكَ إذَا لَمْ يَكُنْ الْمَاءُ جَارِيًا زَمَانَ الْخُصُومَةِ إلَّا أَنَّهُ يُعْلَمُ أَنَّهُ كَانَ يَجْرِي إلَى أَرْضِ هَذَا الرَّجُلِ قَبْلَ ذَلِكَ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ صَاحِبِ الْمَاءِ، وَكَذَلِكَ إذَا كَانَ الْمَاءُ جَارِيًا فِي الْمِيزَابِ زَمَانَ الْخُصُومَةِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ صَاحِبِ الْمَاءِ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.
فَإِنْ شَهِدَ الشُّهُودُ أَنَّ لَهُ مَسِيلَ مَاءٍ فِيهَا مِنْ الْمِيزَابِ قُبِلَتْ الشَّهَادَةُ، فَإِنْ شَهِدُوا أَنَّهُ لِمَاءِ الْمَطَرِ فَهُوَ لِمَاءِ الْمَطَرِ، وَإِنْ شَهِدُوا أَنَّهُ لِمَصَبِّ الْوُضُوءِ فِيهِ فَهُوَ لِذَلِكَ، وَإِنْ يُفَسِّرُوا شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ فَالْقَوْلُ قَوْلُ رَبِّ الدَّارِ فِي ذَلِكَ مَعَ يَمِينِهِ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
وَذَكَرَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- عَنْ الْمُتَأَخِّرِينَ مِنْ أَصْحَابِنَا أَنَّهُمْ اسْتَحْسَنُوا فِي الْمِيزَابِ إذَا كَانَ تَصْوِيبَ سَطْحِ صَاحِبِ الْمِيزَابِ وَالتَّصْوِيبُ قَدِيمٌ يُجْعَلُ لَهُ حَقُّ تَسْيِيلِ الْمَاءِ، وَالتَّصْوِيبُ الْحُدُودُ، وَهُوَ بِالْفَارِسِيَّةِ (نشيب)، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.
إذَا ذَكَرَ فِي الدَّعْوَى، أَوْ الشَّهَادَةِ أَحَدَ حُدُودِ الْأَرْضِ الْمُدَّعَاةِ لَزِيقُ أَرْضِ فُلَانٍ وَلِفُلَانٍ فِي الْقَرْيَةِ الَّتِي فِيهَا الْأَرْضُ الْمُدَّعَاةُ أَرَاضٍ كَثِيرَةٌ مُتَفَرِّقَةٌ صَحَّتْ الدَّعْوَى وَصَحَّتْ الشَّهَادَةُ، وَإِنْ كَانَ فِيهِ نَوْعُ جَهَالَةٍ إلَّا أَنَّهَا تُحُمِّلَتْ لِلضَّرُورَةِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
إذَا شَهِدُوا بِمِلْكِيَّةِ أَرْضٍ وَبَيَّنُوا حُدُودَهَا وَقَالُوا هِيَ بِمِقْدَارِ خَمْسِ مَكَايِيلَ بَذْرٍ وَالْمُدَّعِي يَدَّعِي ذَلِكَ وَأَصَابُوا بَيَانَ الْحُدُودِ وَأَخْطَئُوا فِي بَيَانِ الْمِقْدَارِ فَظَهَرَ أَنَّهُ تَسَعُ قَدْرَ ثَلَاثَةِ مَكَايِيلَ بَذْرٍ حُكِيَ عَنْ شَمْسِ الْإِسْلَامِ أَبِي الْحَسَنِ السُّغْدِيِّ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- أَنَّهُ قَالَ: لَا تَبْطُلُ الدَّعْوَى وَالشَّهَادَةُ وَأَجَابَ بَعْضُ مَشَايِخِ زَمَانِهِ بِبُطْلَانِ الدَّعْوَى وَالشَّهَادَةِ، وَقِيلَ: يَجِبُ أَنْ تَكُونَ الْمَسْأَلَةُ عَلَى التَّفْصِيلِ إنْ شَهِدُوا بِحَضْرَةِ الْأَرْضِ الْمُدَّعَاةِ وَأَشَارُوا إلَيْهَا تُقْبَلُ، وَإِنْ شَهِدُوا بِغَيْبَةِ الْأَرْضِ لَا تَثْبُتُ بِهَذِهِ الشَّهَادَةِ مِلْكِيَّةُ أَرْضٍ تَسَعُ فِيهَا خَمْسَةَ مَكَايِيلَ بَذْرٍ، وَقِيلَ: لَا تُقْبَلُ هَذِهِ الْبَيِّنَةُ عَلَى كُلِّ حَالٍ، وَهُوَ الْأَظْهَرُ وَالْأَشْبَهُ بِالْفِقْهِ، كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

.الْبَابُ السَّادِسُ فِي الشَّهَادَةِ فِي الْمَوَارِيثِ:

رَجُلٌ ادَّعَى أَنَّهُ وَارِثُ فُلَانٍ الْمَيِّتِ وَأَقَامَ شَاهِدَيْنِ فَشَهِدَا أَنَّهُ وَارِثُ فُلَانٍ الْمَيِّتِ لَا وَارِثَ لَهُ سِوَاهُ فَإِنَّ الْقَاضِيَ يَسْأَلُهُمَا عَنْ السَّبَبِ، وَلَا يَقْضِي قَبْلَ السُّؤَالِ لِاخْتِلَافِ أَسْبَابِهَا وَالْقَضَاءُ بِالْمَجْهُولِ مُتَعَذِّرٌ، فَإِنْ مَاتَ الشَّاهِدَانِ، أَوْ غَابَا قَبْلَ أَنْ يَسْأَلَهُمَا لَا يَقْضِي بِشَيْءٍ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
لَوْ شَهِدَا بِأَنَّهُ ابْنُ ابْنِهِ، أَوْ أَخُوهُ، أَوْ جَدُّهُ أَوْ جَدَّتُهُ، أَوْ مَوْلَاهُ تُرَدُّ بِلَا بَيَانٍ وَذَا بِأَنْ يَقُولَا فِي الْأَوَّلِ بِأَنَّهُ وَارِثُهُ وَفِي الْأَخِ أَخُوهُ لِأَبِيهِ وَأُمِّهِ أَوْ لِأَبِيهِ، أَوْ لِأُمِّهِ وَوَارِثُهُ وَفِي الْجَدِّ أَبُو أَبِيهِ، أَوْ أَبُو أُمِّهِ وَفِي الْجَدَّةِ أُمُّ أُمِّهِ، أَوْ أُمُّ أَبِيهِ وَفِي الْمَوْلَى مُعْتَقُهُ، أَوْ مُعْتَقَتُهُ وَوَارِثُهُ لَا نَعْلَمُ لَهُ وَارِثًا غَيْرَهُ، كَذَا فِي الْكَافِي.
وَكَذَا لَوْ شَهِدُوا أَنَّهُ عَمُّهُ، أَوْ ابْنُ عَمِّهِ لَا يَجُوزُ حَتَّى يَنْسُبُوا الْمَيِّتَ وَالْوَارِثَ حَتَّى يَلْتَقِيَا إلَى أَبٍ وَاحِدٍ وَبَيَّنُوا أَنَّهُ عَمُّهُ، أَوْ ابْنُ عَمِّهِ لِأَبِيهِ وَأُمِّهِ، وَأَنَّهُ وَارِثُهُ، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْفَتَاوَى.
وَفِي الشَّهَادَةِ بِأَنَّهُ ابْنُهُ، أَوْ بِنْتُهُ، أَوْ أُمُّهُ أَوْ أَبُوهُ لَا يَحْتَاجُ إلَى قَوْلِهِ وَوَارِثُهُ، كَذَا فِي الْكَافِي.
وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
وَلَا يُشْتَرَطُ ذِكْرُ اسْمِ الْمَيِّتِ حَتَّى لَوْ شَهِدُوا أَنَّهُ جَدُّهُ أَبُو أَبِيهِ وَوَارِثُهُ، وَلَمْ يُسَمُّوا الْمَيِّتَ تُقْبَلُ بِدُونِ ذِكْرِ اسْمِ الْمَيِّتِ، كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ.
إذَا شَهِدَ الشَّاهِدَانِ أَنَّ فُلَانًا أَعْتَقَ هَذَا الْمَيِّتَ، وَأَنَّ هَذَا الرَّجُلَ عَصَبَةُ الَّذِي أَعْتَقَ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا مَا لَمْ يُبَيِّنَا سَبَبَ الْعُصُوبَةِ أَنَّهُ ابْنُ الَّذِي أَعْتَقَ، أَوْ أَبُوهُ أَوْ أَخُوهُ، أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
إذَا شَهِدَ الشُّهُودُ بِوِرَاثَةِ رَجُلٍ وَبَيَّنُوا سَبَبَهَا، وَلَمْ يَزِيدُوا عَلَيْهِ فَالشَّهَادَةُ مَقْبُولَةٌ إلَّا أَنَّ الْقَاضِيَ لَا يَدْفَعُ الْمَالَ إلَى الْمَشْهُودِ لَهُ لِلْحَالِ بَلْ يَتَلَوَّمُ زَمَانًا لِجَوَازِ أَنْ يَظْهَرَ وَارِثٌ آخَرُ لِلْمَيِّتِ مُزَاحِمٌ لِلْمَشْهُودِ لَهُ أَوْ مُقَدَّمٌ عَلَيْهِ هَكَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
إذَا شَهِدُوا بِوِرَاثَتِهِ وَبَيَّنُوا سَبَبَهَا وَقَالُوا لَا نَعْلَمُ لَهُ وَارِثًا آخَرَ فَهَذِهِ الشَّهَادَةُ مَقْبُولَةٌ وَيَدْفَعُ الْقَاضِي الْمَالَ إلَيْهِ لِلْحَالِ مِنْ غَيْرِ تَلَوُّمٍ وَقَوْلُهُ لَا نَعْلَمُ لَهُ وَارِثًا سِوَى هَذَا لَيْسَ مِنْ صُلْبِ الشَّهَادَةِ بَلْ هُوَ لِإِسْقَاطِ مُؤْنَةِ التَّلَوُّمِ عَنْ الْقَاضِي، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَلَوْ قَالَا: لَا وَارِثَ لَهُ غَيْرُهُ قُبِلَ اسْتِحْسَانًا وَحُمِلَ عَلَى الْعِلْمِ، كَذَا فِي الْحَاوِي.
وَلَوْ قَالَا: لَا وَارِثَ لَهُ بِأَرْضِ كَذَا تُقْبَلُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- خِلَافًا لَهُمَا هَكَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ.
ثُمَّ الشُّهُودُ إذَا شَهِدُوا عَلَى وِرَاثَةِ شَخْصٍ وَبَيَّنُوا سَبَبَهَا، وَهَذَا الشَّخْصُ مِمَّنْ يَسْتَحِقُّ جَمِيعَ الْمَالِ، وَلَا يَصِيرُ مَحْجُوبًا بِغَيْرِهِ كَالِابْنِ وَالِابْنَةِ وَالْأَبِ إنْ قَالُوا لَا نَعْلَمُ لَهُ وَارِثًا غَيْرَهُ فَالْقَاضِي يَدْفَعُ جَمِيعَ الْمَالِ إلَيْهِ مِنْ غَيْرِ تَلَوُّمٍ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
فَإِذَا شَهِدُوا أَنَّهُ ابْنُهُ، وَلَمْ يَزِيدُوا عَلَى هَذَا فَالْقَاضِي لَا يَدْفَعُ جَمِيعَ الْمَالِ إلَيْهِ لِلْحَالِ بَلْ يَتَلَوَّمُ زَمَانًا يَقَعُ فِي غَالِبِ رَأْيِ الْقَاضِي أَنَّهُ لَوْ كَانَ مَعَهُ وَارِثٌ آخَرُ لَظَهَرَ فِي هَذِهِ الْمُدَّةِ هَكَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
إذَا شَهِدَا أَنَّهُ زَوْجُهَا، أَوْ شَهِدَا أَنَّهَا زَوْجَتُهُ لَا نَعْلَمُ لَهُ وَارِثًا غَيْرَهُ دَفَعَ إلَى الزَّوْجِ النِّصْفَ وَإِلَى الْمَرْأَةِ الرُّبْعَ، وَأَمَّا إذَا شَهِدَا أَنَّهُ زَوْجُهَا، أَوْ شَهِدَا أَنَّهَا زَوْجَتُهُ، وَلَمْ يَزِيدَا عَلَى هَذَا أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ قَبْلَ التَّلَوُّمِ لَا يَدْفَعُ إلَيْهِ أَكْثَرُ النَّصِيبَيْنِ، وَأَمَّا إذَا تَلَوَّمَ زَمَانًا، وَلَمْ يَظْهَرْ وَارِثٌ آخَرُ قَالَ مُحَمَّدٌ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- فِي دَعْوَى الْأَصْلِ إنَّ الْقَاضِيَ يَدْفَعُ إلَيْهِ أَكْثَرَ النَّصِيبَيْنِ إنْ كَانَ زَوْجًا يَدْفَعُ إلَيْهِ النِّصْفَ، وَإِنْ كَانَتْ زَوْجَةً يَدْفَعُ إلَيْهَا الرُّبْعَ، وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- يَدْفَعُ إلَيْهِ أَقَلَّ النَّصِيبَيْنِ إنْ كَانَ زَوْجًا الرُّبْعَ، وَإِنْ كَانَتْ زَوْجَةً الثُّمْنَ وَالطَّحَاوِيُّ فِي مُخْتَصَرِهِ ذَكَرَ قَوْلَ أَبِي حَنِيفَةَ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- مَعَ أَبِي يُوسُفَ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- وَالْخَصَّافُ ذَكَرَ قَوْلَهُ مَعَ مُحَمَّدٍ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى-، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
شَهِدَ رَجُلَانِ لِرَجُلٍ أَنَّهُ أَخُو الْمَيِّتِ لِأَبِيهِ وَأُمِّهِ وَوَارِثُهُ لَا نَعْلَمُ لَهُ وَارِثًا غَيْرَهُ فَقَضَى، ثُمَّ شَهِدَ الْآخَرُ أَنَّهُ ابْنُ الْمَيِّتِ لَا تُقْبَلُ وَيَضْمَنَانِ لِلِابْنِ مَا أَخَذَ الْأَخُ، وَلَوْ شَهِدَ الْآخَرُ أَنَّهُ أَخُوهُ لِأَبِيهِ وَأُمِّهِ وَوَارِثُهُ لَا نَعْلَمُ لَهُ وَارِثًا غَيْرَهُ وَغَيْرَ الْأَوَّلِ تُقْبَلُ وَيَدْخُلُ الثَّانِي مَعَ الْأَوَّلِ فِي الْمِيرَاثِ، وَلَا ضَمَانَ عَلَى الشَّاهِدَيْنِ لِلْأَوَّلِ، وَلَمْ يَغْرَمَا لِلثَّانِي شَيْئًا.
شَهِدَ شَاهِدَانِ أَنَّ فُلَانًا أَخُو الْمَيِّتِ لِأَبِيهِ وَأُمِّهِ لَا نَعْلَمُ لَهُ وَارِثًا غَيْرَهُ وَقَضَى، وَشَهِدَ آخَرَانِ لِلْآخَرِ أَنَّهُ ابْنُهُ يُنْقَضُ الْقَضَاءُ الْأَوَّلُ بِالْوِرَاثَةِ لِلْأَوَّلِ ضَرُورَةً، فَإِنْ كَانَ الْمَالُ قَائِمًا فِي يَدِهِ دَفَعَ إلَى الِابْنِ، وَإِنْ كَانَ هَالِكًا فَلِلِابْنِ الْخِيَارُ إنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْأَخَ، وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَ الشَّاهِدَيْنِ، فَإِنْ ضَمَّنَ الْأَخَ لَا يَرْجِعُ عَلَى أَحَدٍ، وَإِنْ ضَمَّنَ الشَّاهِدَيْنِ رَجَعَا عَلَى الْأَخِ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
شَهِدَ الرَّجُلُ أَنَّهُ جَدُّ الْمَيِّتِ وَقَضَى الْقَاضِي بِذَلِكَ، ثُمَّ جَاءَ رَجُلٌ آخَرُ وَادَّعَى أَنَّهُ أَبُو الْمَيِّتِ وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ يَقْضِي بِهِ، وَهُوَ أَحَقُّ بِالْمِيرَاثِ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
وَيَجْعَلُ الْجَدَّ أَبًا لِهَذَا الَّذِي ادَّعَى الْأُبُوَّةَ، فَإِنْ قَالَ الْأَبُ لِلْقَاضِي إنَّ هَذَا الَّذِي أَقَامَ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ جَدٌّ لَيْسَ بِأَبٍ لِي فَمُرْهُ بِإِعَادَةِ الْبَيِّنَةِ فَالْقَاضِي لَا يُكَلِّفُهُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَلَوْ شَهِدَا أَنَّ قَاضِيَ بَلَدِ كَذَا قَضَى بِأَنَّهُ وَارِثُ الْمَيِّتِ، وَلَا وَارِثَ لَهُ غَيْرُهُ قَضَى بِإِرْثِهِ لَا بِالنَّسَبِ بَيَّنَ أَوْ لَا فَلَوْ بَيَّنَ وَبَرْهَنَ آخَرُ بِنَسَبٍ يَحْجُبُهُ أَوْ يُشَارِكُهُ قَبِلَ وَحَجَبَ، أَوْ شَارَكَ حَتَّى لَوْ بَيَّنَ الْأَوَّلُ أَنَّهُ ابْنُ الْمَيِّتِ وَبَرْهَنَ الْآخَرُ أَنَّهُ ابْنُهُ فَالْإِرْثُ بَيْنَهُمَا، وَلَوْ بَرْهَنَ الثَّانِي أَنَّهُ أَبُو الْمَيِّتِ جَعَلَ لِلثَّانِي السُّدْسَ، وَالْبَاقِي لِلْأَوَّلِ، وَلَوْ ذَكَرَ الْأَوَّلُ أَنَّهُ جَدُّ الْمَيِّتِ وَبَرْهَنَ الثَّانِي أَنَّهُ أَبُو الْمَيِّتِ فَالْإِرْثُ لِلثَّانِي، وَلَوْ ذَكَرَ الْأَوَّلُ أَنَّهُ أَبُو الْمَيِّتِ وَبَرْهَنَ الثَّانِي أَنَّهُ ابْنُ الْمَيِّتِ جَعَلَ لِلثَّانِي خَمْسَةَ أَسْدَاسِ الْإِرْثِ وَلِلْأَوَّلِ السُّدُسُ، وَلَوْ بَرْهَنَ الثَّانِي أَنَّهُ أَبُو الْمَيِّتِ أَيْضًا فَالْإِرْثُ لِلثَّانِي وَالْجَوَابُ فِي الْمُعْتَقِ كَالْجَوَابِ فِي الْأَبِ وَرَدَّ بَيِّنَةَ الْأَوَّلِ عَلَى أُبُوَّتِهِ بَعْدَ الْقَضَاءِ لِلثَّانِي إلَّا إذَا بَرْهَنَ الْأَوَّلُ عَلَى أَنَّ الْقَاضِيَ قَضَى بِأَنَّهُ أَبُو الْمَيِّتِ فَكَانَ أَوْلَى وَبَطَلَ نَسَبُ الثَّانِي، وَلَوْ بَرْهَنَ الْأَوَّلُ عَلَى أُبُوَّتِهِ قَبْلَ الْقَضَاءِ لِلثَّانِي اشْتَرَكَا فِي الْإِرْثِ حَتَّى لَوْ مَاتَ أَحَدُهُمَا تَعَيَّنَ الْآخَرُ أَبًا وَالْحُكْمُ فِي الْوَلَاءِ عَلَى هَذِهِ الْوُجُوهِ، وَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ مَعْتُوهًا، أَوْ صَغِيرًا لَا يَقْدِرُ عَلَى الْبَيَانِ جَعَلَهُ الْقَاضِي ابْنًا لَوْ كَانَ ذَكَرًا، فَإِنْ جَاءَ الثَّانِي وَبَرْهَنَ أَنَّهُ أَبُو الْمَيِّتِ جَعَلَ لِلثَّانِي سُدُسَ الْمَالِ، وَإِنْ بَرْهَنَ أَنَّهُ أَخُو الْمَيِّتِ يَجْعَلُهُ مَحْجُوبًا بِالْأَوَّلِ، وَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ امْرَأَةً جَعَلَهُ بِنْتًا لِلْمَيِّتِ وَجَعَلَ لَهَا جَمِيعَ الْمَالِ بِالْفَرْضِ وَالرَّدِّ، فَإِنْ جَاءَ آخَرُ وَادَّعَى أَنَّهُ أَخُو الْمَيِّتِ يُعْطِيهِ النِّصْفَ، وَإِنْ ذَكَرَ الثَّانِي أَنَّهُ ابْنُهُ يُعْطِيهِ الثُّلُثَيْنِ، كَذَا فِي الْكَافِي.
رَجُلٌ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ عَمُّ الْمَيِّتِ وَوَارِثُهُ لَا نَعْلَمُ لَهُ وَارِثًا غَيْرَهُ، ثُمَّ أَقَامَ الْآخَرُ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ أَخُو الْمَيِّتِ وَوَارِثُهُ لَا نَعْلَمُ لَهُ وَارِثًا غَيْرَهُ، ثُمَّ آخَرُ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ ابْنُ الْمَيِّتِ وَوَارِثُهُ لَا نَعْلَمُ لَهُ وَارِثًا غَيْرَهُ وَأَقَامُوا الْبَيِّنَةَ جَمِيعًا مَعًا فَإِنَّهُ يُقْضَى بِالْمِيرَاثِ لِلِابْنِ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
إذَا مَاتَ الرَّجُلُ فَأَقَامَ رَجُلٌ بَيِّنَةً أَنَّهُ فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ الْفُلَانِيِّ، وَأَنَّ الْمَيِّتَ فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ الْفُلَانِيِّ حَتَّى الْتَقَيَا إلَى أَبٍ وَاحِدٍ مِنْ قَبِيلَةٍ وَاحِدَةٍ، وَهُوَ عَصَبَةُ الْمَيِّتِ وَوَارِثُهُ لَا نَعْلَمُ لَهُ وَارِثًا غَيْرَهُ قَضَى لَهُ بِالْمِيرَاثِ، فَإِنْ جَاءَ آخَرُ بَعْدَ ذَلِكَ وَأَقَامَ بَيِّنَةً أَنَّهُ عَصَبَةُ الْمَيِّتِ، فَإِنْ أَثْبَتَ الثَّانِي مِثْلَ مَا أَثْبَتَهُ الْأَوَّلُ بِأَنْ أَثْبَتَ أَنَّهُ فُلَانٌ بْنُ فُلَانٍ الْفُلَانِيِّ وَالْمَيِّتُ فُلَانٌ بْنُ فُلَانٍ الْفُلَانِيِّ حَتَّى الْتَقَيَا إلَى أَبٍ وَاحِدٍ قُبِلَتْ بَيِّنَةُ الثَّانِي إذَا الْتَقَيَا إلَى أَبٍ وَاحِدٍ مِنْ قَبِيلَةٍ وَاحِدَةٍ، وَإِنْ كَانَا مِنْ قَبِيلَتَيْنِ بِأَنْ ادَّعَى الْأَوَّلُ أَنَّهُ مِنْ الْعَرَبِ وَادَّعَى الثَّانِي أَنَّهُ مِنْ الْعَجَمِ لَا تُقْبَلُ بَيِّنَةُ الثَّانِي، وَإِنْ أَثْبَتَ الثَّانِي نَسَبًا أَبْعَدَ مِنْ الْأَوَّلِ بِأَنْ أَثْبَتَ الثَّانِي أَنَّهُ ابْنُ ابْنِ عَمِّهِ فَالْقَاضِي لَا يَلْتَفِتُ إلَى بَيِّنَتِهِ، وَإِنْ الْتَقَيَا إلَى أَبٍ وَاحِدٍ مِنْ قَبِيلَةٍ وَاحِدَةٍ، أَوْ مِنْ قَبِيلَتَيْنِ، وَإِنْ أَثْبَتَ الثَّانِي نَسَبًا فَوْقَ الْأَوَّلِ بِأَنْ ادَّعَى الثَّانِي أَنَّ الْمَيِّتَ ابْنُهُ وَوُلِدَ عَلَى فِرَاشِهِ، وَأَنَّهُ أَبُوهُ لَا وَارِثَ لَهُ غَيْرُهُ فَهَذَا عَلَى وَجْهَيْنِ: إنْ ادَّعَى الْأَبُ نَسَبَهُ مِنْ الْقَبِيلَةِ الَّتِي ادَّعَاهَا ابْنُ الْعَمِّ تُقْبَلُ بَيِّنَةُ الْأَبِ وَيُنْقَضُ الْقَضَاءُ الْأَوَّلُ فِي حَقِّ الْمِيرَاثِ دُونَ النَّسَبِ حَتَّى يَبْقَى الْأَوَّلُ ابْنَ عَمٍّ لَهُ حَتَّى لَوْ مَاتَ هَذَا الْأَبُ يَرِثُ الْأَوَّلُ مِنْهُ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ وَارِثٌ أَقْرَبُ مِنْهُ، وَإِنْ ادَّعَى نَسَبَهُ مِنْ قَبِيلَةٍ أُخْرَى قُبِلَتْ بَيِّنَةُ الْأَبِ وَنُقِضَ الْقَضَاءُ الْأَوَّلُ فِي حَقِّ النَّسَبِ وَالْمِيرَاثِ جَمِيعًا، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
إذَا ادَّعَى دَارًا فِي يَدِ إنْسَانِ أَنَّهَا لَهُ وَرِثَهَا مِنْ أَبِيهِ وَجَاءَ بِشُهُودٍ شَهِدُوا أَنَّهَا كَانَتْ لِأَبِيهِ إلَى أَنْ مَاتَ وَتَرَكَهَا مِيرَاثًا لَا نَعْلَمُ لَهُ وَارِثًا غَيْرَهُ، أَوْ شَهِدُوا أَنَّهَا كَانَتْ لِأَبِيهِ يَوْمَ الْمَوْتِ فَالْقَاضِي يَقْبَلُ هَذِهِ الشَّهَادَةَ وَيَقْضِي بِالدَّارِ لِلْمُدَّعِي، وَإِنْ لَمْ يَشْهَدُوا أَنَّهُ تَرَكَهَا مِيرَاثًا لَهُ، وَكَذَا إذَا شَهِدُوا أَنَّهَا كَانَتْ فِي يَدِ أَبِيهِ إلَى أَنْ مَاتَ، أَوْ شَهِدُوا أَنَّهَا كَانَتْ فِي يَدِ أَبِيهِ يَوْمَ الْمَوْتِ فَالْقَاضِي يَقْبَلُ هَذِهِ الشَّهَادَةَ وَيَقْضِي بِالدَّارِ لِلْمُدَّعِي، وَهُوَ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ وَأَصَحُّ هَكَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
وَلَوْ شَهِدُوا أَنَّ أَبَاهُ مَاتَ، وَهُوَ سَاكِنٌ فِي هَذِهِ الدَّارِ تُقْبَلُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ، وَلَوْ شَهِدُوا أَنَّ أَبَاهُ مَاتَ فِي هَذِهِ الدَّارِ، أَوْ شَهِدُوا أَنَّ أَبَاهُ كَانَ فِي هَذِهِ الدَّارِ حَتَّى مَاتَ، أَوْ حَتَّى مَاتَ فِيهَا لَا تُقْبَلُ، وَكَذَا لَوْ شَهِدُوا أَنَّ أَبَاهُ دَخَلَ بِهَذِهِ الدَّارِ وَمَاتَ لَا تُقْبَلُ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
إذَا شَهِدَ الشُّهُودُ أَنَّ أَبَاهُ مَاتَ، وَهُوَ لَابِسٌ هَذَا الْقَمِيصَ، أَوْ لَابِسٌ هَذَا الْخَاتَمَ تُقْبَلُ هَذِهِ الشَّهَادَةُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
أَطْلَقَ مُحَمَّدٌ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- فِي الْجَوَابِ فِي الْخَاتَمِ وَحَكَى الْقَاضِي أَبُو الْهَيْثَمِ عَنْ الْقُضَاةِ الثَّلَاثَةِ أَنَّهُمْ كَانُوا يَفْصِلُونَ وَيَقُولُونَ إنْ شَهِدُوا أَنَّ الْخَاتَمَ كَانَ فِي خِنْصَرِهِ، أَوْ بِنَصْرِهِ يَوْمَ الْمَوْتِ تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ، وَإِنْ شَهِدُوا أَنَّهُ كَانَ فِي السَّبَّابَةِ، أَوْ فِي الْوُسْطَى، أَوْ فِي الْإِبْهَامِ لَا تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ وَلَكِنَّ الصَّحِيحَ أَنْ يُجْرَى عَلَى إطْلَاقِهِ كَمَا ذَكَرَهُ مُحَمَّدٌ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى-، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
وَلَوْ شَهِدُوا أَنَّهُ مَاتَ، وَهُوَ حَامِلٌ لِهَذَا الثَّوْبِ تُقْبَلُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَلَوْ شَهِدُوا أَنَّ أَبَاهُ مَاتَ، وَهُوَ رَاكِبٌ هَذِهِ الدَّابَّةَ قَضَى بِالدَّابَّةِ لِلْوَارِثِ، وَلَوْ شَهِدُوا أَنَّ أَبَاهُ مَاتَ، وَهُوَ قَاعِدٌ عَلَى هَذَا الْفِرَاشِ، أَوْ عَلَى هَذَا الْبِسَاطِ، أَوْ نَائِمٌ عَلَيْهِ لَا تُقْبَلُ هَذِهِ الشَّهَادَةُ.
وَلَوْ شَهِدُوا أَنَّ أَبَاهُ مَاتَ، وَهَذَا الثَّوْبُ مَوْضُوعٌ عَلَى رَأْسِهِ، وَلَمْ يَشْهَدُوا أَنَّهُ حَامِلٌ لَهُ لَا تُقْبَلُ هَذِهِ الشَّهَادَةُ، وَلَا يَقْضِي لِلْوَارِثِ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
وَلَوْ شَهِدُوا أَنَّهُ كَانَ هُوَ الْوَاضِعُ عَلَى رَأْسِهِ يَوْمَ الْمَوْتِ تُقْبَلُ هَكَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
وَالْأَصْلُ فِي جِنْسِ هَذِهِ الْمَسَائِلِ أَنَّ الشُّهُودَ إذَا شَهِدُوا عَلَى فِعْلٍ مِنْ الْمُوَرِّثِ فِي الْعَيْنِ عِنْدَ مَوْتِهِ فَهَذَا عَلَى وَجْهَيْنِ إمَّا أَنْ يَشْهَدُوا بِفِعْلٍ هُوَ دَلِيلُ الْيَدِ، أَوْ بِفِعْلٍ لَيْسَ هُوَ بِدَلِيلِ الْيَدِ فَاَلَّذِي هُوَ دَلِيلُ الْيَدِ فِي النَّقْلِيَّاتِ فِعْلٌ لَا يُتَصَوَّرُ ثُبُوتُهُ بِدُونِ النَّقْلِ كَاللُّبْسِ وَالْحَمْلِ، أَوْ فِعْلٌ يَحْصُلُ عَادَةً لِلنَّقْلِ كَالرُّكُوبِ فِي الدَّوَابِّ، وَفِي غَيْرِ النَّقْلِيَّاتِ دَلِيلُ الْيَدِ فِعْلٌ يُوجَدُ مِنْ الْمُلَّاكِ فِي الْغَالِبِ كَالسُّكْنَى فِي الدُّورِ فَهَذَا النَّوْعُ مِنْ الْفِعْلِ إذَا قَامَتْ الْبَيِّنَةُ عَلَى وُجُودِهِ مِنْ الْمُوَرِّثِ فِي الْعَيْنِ عِنْدَ مَوْتِهِ يَقْضِي بِالْمُدَّعَى لِلْمُدَّعِي وَاَلَّذِي لَيْسَ بِدَلِيلِ الْيَدِ فِي النَّقْلِيَّاتِ فِعْلٌ يَتَأَتَّى بِدُونِ النَّقْلِ، وَلَا يَحْصُلُ فِي الْغَالِبِ لِلنَّقْلِ كَالْجُلُوسِ عَلَى الْبِسَاطِ وَفِي غَيْرِ النَّقْلِيَّاتِ الَّذِي لَيْسَ بِدَلِيلِ الْيَدِ فِعْلٌ يُوجَدُ مِنْ غَيْرِ الْمُلَّاكِ فِي الْغَالِبِ كَالْجُلُوسِ وَالنَّوْمِ فِي الدَّارِ فَهَذَا النَّوْعُ مِنْ الْفِعْلِ إذَا قَامَتْ الشَّهَادَةُ عَلَى وُجُودِهِ مِنْ الْمُوَرِّثِ فِي الْعَيْنِ عِنْدَ مَوْتِهِ لَا يَقْضِي بِالْعَيْنِ لِلْمُدَّعِي، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
إذَا شَهِدُوا أَنَّهَا كَانَتْ مِلْكَ أَبِيهِ، أَوْ أَنَّ أَبَاهُ كَانَ يَسْكُنُ هَذِهِ الدَّارَ، أَوْ يَمْلِكُهَا، فَإِنْ جَرُّوا الْمِيرَاثَ فَقَالُوا مَاتَ وَتَرَكَهَا مِيرَاثًا لَهُ قُبِلَتْ شَهَادَتُهُمْ وَيَقْضِي لَهُ فِي قَوْلِهِمْ، وَإِنْ لَمْ يَجُرُّوا لَا تُقْبَلُ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ- رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى- وَتُقْبَلُ فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- الْآخَرِ، وَإِنْ شَهِدُوا عَلَى إقْرَارِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ يَكُونُ إقْرَارًا مِنْهُ بِالْمِلْكِ لِلْمُدَّعِي وَيُؤْمَرُ بِالتَّسْلِيمِ إلَيْهِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
لَوْ شَهِدَ الشُّهُودُ أَنَّهَا كَانَتْ لِأَبِيهِ، وَلَمْ يَجُرُّوا الْمِيرَاثَ إلَى الْمُدَّعِي فَالْقَاضِي لَا يَقْبَلُ هَذِهِ الشَّهَادَةَ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ- رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى-، وَهُوَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- أَوَّلًا، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
لَوْ شَهِدُوا أَنَّهَا كَانَتْ لِأَبِيهِ مَاتَ فِيهَا فَعَلَى هَذَا الْخِلَافِ، كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ.
وَلَوْ شَهِدُوا أَنَّهَا لِأَبِيهِ، وَلَمْ يَقُولُوا مَاتَ وَتَرَكَهَا مِيرَاثًا لَهُ، مِنْهُمْ مَنْ قَالَ هَذَا أَيْضًا عَلَى الْخِلَافِ، وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: هَهُنَا لَا تُقْبَلُ بِالْإِجْمَاعِ، وَهُوَ اخْتِيَارُ الْفَضْلِيِّ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى-، وَهُوَ الْأَصَحُّ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
فِي كِتَابِ الدَّعْوَى فِي الْفَصْلِ الْعَاشِرِ.
وَهَكَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ.
إذَا مَاتَ رَجُلٌ فَأَقَامَ وَارِثُهُ بَيِّنَةً عَلَى دَارٍ أَنَّهَا كَانَتْ لِأَبِيهِ أَعَارَهَا، أَوْ آجَرَهَا، أَوْ أَوْدَعَهَا الَّذِي فِي يَدِهِ فَإِنَّهُ يَأْخُذُهَا، وَلَا يُكَلَّفُ الْبَيِّنَةَ عَلَى أَنَّهُ مَاتَ وَتَرَكَهَا مِيرَاثًا لَهُ، كَذَا فِي الْكَافِي.
إذَا شَهِدَ شَاهِدَانِ أَنَّ فُلَانًا مَاتَ وَتَرَكَ هَذِهِ الدَّارَ مِيرَاثًا لِفُلَانٍ ابْنِهِ هَذَا، وَلَا يَعْلَمُونَ لَهُ وَارِثًا غَيْرَهُ، وَلَمْ يُدْرِكُوا فُلَانًا الْمَيِّتَ فَشَهَادَتُهُمْ بَاطِلَةٌ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
هَذَا إذَا كَانَ نَسَبُ الْمُدَّعِي مَعْرُوفًا مِنْ الْمَيِّتِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ نَسَبُهُ مَعْرُوفًا مِنْهُ فَشَهِدُوا أَنَّهُ ابْنُ فُلَانِ بْنِ فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ الْمَيِّتِ، وَأَنَّ فُلَانًا لِلْمَيِّتِ تَرَكَ هَذِهِ الدَّارَ مِيرَاثًا لَهُ، وَلَمْ يُدْرِكَا الْمَيِّتَ لَمْ يُذْكَرْ هَذَا الْفَصْلُ هَهُنَا وَذُكِرَ فِي الْمُنْتَقَى أُجِيزُ شَهَادَتَهُمَا فِي النَّسَبِ وَأُبْطِلُهَا فِي الْمِيرَاثِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
لَوْ شَهِدُوا عَلَى دَارٍ فِي يَدِ رَجُلٍ أَنَّهَا كَانَتْ لِفُلَانٍ جَدٌّ هَذَا الْمُدَّعِي وَخِطَّتَهُ، وَقَدْ أَدْرَكُوا الْجَدَّ وَالْمُدَّعِي يَدَّعِي أَنَّهَا كَانَتْ لِأَبِيهِ، فَإِنْ جَرُّوا الْمِيرَاثَ بِأَنْ شَهِدُوا أَنَّهَا كَانَتْ لِجَدِّ هَذَا الْمُدَّعِي فُلَانٍ مَاتَ وَتَرَكَهَا مِيرَاثًا لِأَبِي هَذَا الْمُدَّعِي، ثُمَّ مَاتَ الْأَبُ وَتَرَكَهَا مِيرَاثًا لِهَذَا الْمُدَّعِي تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ وَيَقْضِي بِالدَّارِ لِلْمُدَّعِي، وَإِنْ لَمْ يَجُرُّوا الْمِيرَاثَ، فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ تَقَدُّمَ مَوْتِ الْجَدِّ عَلَى مَوْتِ الْأَبِ لَا يَقْضِي بِالدَّارِ لِلْمُدَّعِي بِالْإِجْمَاعِ، وَإِنْ عَلِمَ فَكَذَلِكَ الْجَوَابُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ وَأَبِي يُوسُفَ أَوَّلًا، وَبَعْضُ مَشَايِخِنَا- رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى- قَالُوا فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ لَا تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ بِلَا خِلَافٍ، وَلَوْ شَهِدُوا عَلَى إقْرَارِ ذِي الْيَدِ أَنَّ هَذِهِ الدَّارَ كَانَتْ لِجَدِّ هَذَا الْمُدَّعِي، وَلَمْ يَجُرُّوا الْمِيرَاثَ فَإِنَّ الْقَاضِيَ يَقْضِي بِالدَّارِ لِلْمُدَّعِي إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ وَارِثٌ آخَرُ هَكَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
إذَا شَهِدُوا أَنَّ هَذِهِ الدَّارَ لِجَدِّ هَذَا الْمُدَّعِي، وَلَمْ يَقُولُوا كَانَتْ لِجَدِّهِ، فَإِنْ جَرُّوا الْمِيرَاثَ تُقْبَلُ وَيَقْضِي بِالدَّارِ لِلْمُدَّعِي، وَإِنْ لَمْ يَجُرُّوا الْمِيرَاثَ فَعَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ- رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى- لَا تُقْبَلُ، وَأَمَّا عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- الْآخَرِ فَقَدْ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ- رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى- فِيهِ بَعْضُهُمْ قَالُوا تُقْبَلُ، وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: لَا تُقْبَلُ، وَلَا يَقْضِي بِالدَّارِ لِلْمُدَّعِي أَيْضًا، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
قَالَ فِي كِتَابِ الْأَقْضِيَةِ دَارٌ فِي يَدَيْ رَجُلٍ أَقَامَ أَحَدٌ الْبَيِّنَةَ أَنَّ أَبِي اشْتَرَاهَا مِنْهُ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ، وَقَدْ مَاتَ أَبِي وَالْبَائِعُ يَجْحَدُ ذَلِكَ فَإِنِّي لَا أُكَلِّفُهُ الْبَيِّنَةَ أَنَّ أَبَاهُ مَاتَ وَتَرَكَهَا مِيرَاثًا وَلَكِنْ أَسْأَلُهُ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُمْ لَا يَعْلَمُونَ لَهُ وَارِثًا غَيْرَهُ، فَإِنْ أَقَامَهَا أَمَرْتُهُ بِدَفْعِ الدَّارِ إلَيْهِ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
وَلَوْ كَانَتْ الدَّارُ فِي يَدِ غَيْرِ الْبَائِعِ كَلَّفَ كِلَيْهِمَا، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
قَالَ فِي الْأَصْلِ دَارٌ فِي يَدَيْ رَجُلٍ جَاءَ ابْنُ أَخِي صَاحِبِ الْيَدِ وَأَقَامَ بَيِّنَةً أَنَّ هَذِهِ الدَّارَ كَانَتْ لِجَدِّهِ مَاتَ وَتَرَكَهَا مِيرَاثًا بَيْنَ أَبِيهِ وَبَيْنَ عَمِّهِ هَذَا الَّذِي الدَّارُ فِي يَدَيْهِ نِصْفَيْنِ، ثُمَّ مَاتَ أَبُوهُ وَتَرَكَ نَصِيبَهُ مِيرَاثًا لَهُ فَالْقَاضِي يَقْبَلُ هَذِهِ الْبَيِّنَةَ وَيَقْضِي بِالدَّارِ بَيْنَ الْمُدَّعِي وَبَيْنَ عَمِّهِ نِصْفَيْنِ، فَإِنْ لَمْ يَقْضِ الْقَاضِي بِبَيِّنَةِ ابْنِ الْأَخِ حَتَّى أَقَامَ بَيِّنَةً أَنَّ أَخَاهُ، وَهُوَ أَبُو هَذَا الْمُدَّعِي مَاتَ قَبْلَ مَوْتِ الْجَدِّ وَوَرِثَ الْجَدُّ مِنْهُ السُّدُسَ، ثُمَّ مَاتَ الْجَدُّ وَصَارَ جَمِيعُ الدَّارِ مِيرَاثًا لِي فَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ عَلَى وَجْهَيْنِ الْأَوَّلُ أَنْ لَا يَكُونَ فِي يَدِ ابْنِ الْأَخِ شَيْءٌ مِنْ تَرِكَةِ أَبِيهِ وَفِي هَذَا الْوَجْهِ بَيِّنَةُ ابْنِ الْأَخِ أَوْلَى.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي أَنْ يَكُونَ فِي يَدِ ابْنِ الْأَخِ شَيْءٌ مِنْ مِيرَاثِ أَبِيهِ وَبَاقِي الْمَسْأَلَةِ بِحَالِهَا وَفِي هَذَا الْوَجْهِ مِيرَاثُ الْجَدِّ كُلُّهُ لِلْعَمِّ وَمِيرَاثُ الْأَخِ كُلُّهُ لِابْنِ الْأَخِ وَيُجْعَلُ كَأَنَّهُمَا مَاتَا مَعًا، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
إذَا كَانَتْ الدَّارُ فِي يَدَيْ رَجُلٍ وَابْنِ أَخِيهِ فَادَّعَى كُلُّ وَاحِدٍ أَنَّ أَبَاهُ مَاتَ وَتَرَكَهَا مِيرَاثًا لَهُ لَا وَارِثَ لَهُ غَيْرُهُ قَضَى بِهَا بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ، فَإِنْ قَالَ الْعَمُّ كَانَتْ بَيْنَ أَبِي وَأَخِي نِصْفَيْنِ وَصَدَّقَهُ ابْنُ الْأَخِ إلَّا أَنَّ الْعَمَّ قَالَ: مَاتَ أَخِي قَبْلَ مَوْتِ الْجَدِّ وَصَارَ النِّصْفُ الَّذِي لِأَخِي بَيْنَ الْجَدِّ وَبَيْنَكَ أَسْدَاسًا، ثُمَّ مَاتَ الْجَدُّ فَوَرِثْتُ السُّدُسَ مِنْهُ، وَقَالَ ابْنُ الْأَخِ مَاتَ الْجَدُّ أَوَّلًا وَصَارَ الَّذِي لِلْجَدِّ بَيْنَكَ وَبَيْنَ أَبِي نِصْفَيْنِ، ثُمَّ مَاتَ أَبِي فَوَرِثْتُ ذَلِكَ مِنْهُ، فَإِنْ لَمْ تَقُمْ لَهُمَا وَلَا لِأَحَدِهِمَا بَيِّنَةٌ يَحْلِفُ كُلُّ وَاحِدٍ عَلَى دَعْوَى صَاحِبِهِ، فَإِنْ حَلَفَا بَرِئَا وَصَارَ بَعْدَ الْحَلِفِ كَالْحَالِ قَبْلَهُ، وَقَبْلَ الْحَلِفِ كَانَتْ الدَّارُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ، وَإِنْ حَلَفَ أَحَدُهُمَا وَنَكِلَ الْآخَرُ يَقْضِي لِلْحَالِفِ بِمَا نَكِلَ لَهُ صَاحِبُهُ، وَإِنْ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ أَحَدُهُمَا قَضَى لَهُ بِمَا شَهِدْتُ لَهُ بَيِّنَتُهُ، وَإِنْ أَقَامَا جَمِيعًا الْبَيِّنَةَ قَضَى بِالدَّارِ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
رَجُلَانِ أَقَامَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بَيِّنَةً عَلَى دَارٍ فِي يَدَيْ رَجُلٍ أَنَّهَا كَانَتْ لِأَبِيهِ مَاتَ وَتَرَكَهَا مِيرَاثًا لَهُ لَا يَعْلَمُونَ لَهُ وَارِثًا غَيْرَهُ وَأَحَدُ هَذَيْنِ الرَّجُلَيْنِ ابْنُ أَخِي ذِي الْيَدِ وَوَارِثُهُ لَا وَارِثَ لَهُ غَيْرُهُ فَلَمْ تُزَكَّ الْبَيِّنَاتُ حَتَّى مَاتَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَصَارَتْ الدَّارُ فِي يَدِ ابْنِ أَخِيهِ، وَلَمْ يُوصِ إلَى أَحَدٍ، ثُمَّ زُكِّيَتْ الْبَيِّنَتَانِ جَمِيعًا فَالْقَاضِي يَقْضِي بِهَا بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ، وَإِنْ صَارَ ابْنُ الْأَخِ ذَا الْيَدِ فَلَوْ أَقَامَ الْأَجْنَبِيُّ الْبَيِّنَةَ عَلَى ابْنِ الْأَخِ أَنَّ الدَّارَ دَارُهُ وَرِثَهَا مِنْ أَبِيهِ لَمْ تُسْمَعْ، وَلَوْ أَنَّ الْقَاضِيَ زَكَّى شُهُودَ أَحَدِهِمَا بَعْدَ مَوْتِ الْعَمِّ، وَلَمْ يُزَكِّ شُهُودَ الْآخَرِ فَقَضَى بِالدَّارِ كُلِّهَا لَهُ، ثُمَّ زُكِّيَتْ بَيِّنَةُ الْآخَرِ لَمْ يَقْضِ لَهُ بِشَيْءٍ إلَّا إذَا أَعَادَ تِلْكَ الشُّهُودَ، أَوْ شُهُودًا أُخَرَ فَشَهِدُوا أَنَّ الدَّارَ دَارُهُ بِسَبَبِ الْإِرْثِ فَحِينَئِذٍ يَقْضِي بِجَمِيعِ الدَّارِ لَهُ، فَإِنْ قَالَ الَّذِي قَضَى بِالدَّارِ لَهُ أَوَّلًا إنِّي أُعِيدُ الْبَيِّنَةَ أَنَّ الدَّارَ دَارُهُ لَا يَلْتَفِتُ إلَيْهِ، وَلَوْ أَقَامَ الْأَجْنَبِيُّ الْبَيِّنَةَ فِي حَيَاةِ الْعَمِّ وَابْنُ الْأَخِ بَعْدَ مَوْتِهِ فَزُكِّيَتْ الْبَيِّنَتَانِ جَمِيعًا قَضَى بِالدَّارِ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ، وَلَوْ أَنَّ ابْنَ الْأَخِ لَمْ يُقِمْ الْبَيِّنَةَ حَتَّى قَضَى الْقَاضِي بِهَا لِلْأَجْنَبِيِّ، ثُمَّ أَقَامَ عَلَى الْأَجْنَبِيِّ قَضَى بِهَا لِابْنِ الْأَخِ، وَلَوْ أَقَامَ ابْنُ الْأَخِ الْبَيِّنَةَ فِي حَيَاةِ الْعَمِّ وَالْأَجْنَبِيُّ بَعْدَ مَوْتِهِ فَزُكِّيَتْ الْبَيِّنَتَانِ يَقْضِي بِهَا لِلْأَجْنَبِيِّ، وَلَوْ أَقَامَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا شَاهِدًا وَاحِدًا عَلَى الْعَمِّ فَمَاتَ الْعَمُّ فَوَرِثَهُ ابْنُ الْأَخِ، ثُمَّ أَحْضَرَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا شَاهِدًا آخَرَ فَزُكِّيَتْ الْبَيِّنَتَانِ يَقْضِي بِالدَّارِ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ، وَإِنْ قَالَ أَحَدُهُمَا بَعْدَ مَا قَضَى بِهَا بَيْنَهُمَا أَنَا أُقِيمُ الْبَيِّنَةَ عَلَى صَاحِبِي لَا.
يَلْتَفِتُ إلَى ذَلِكَ.
وَلَوْ أَقَامَ كُلُّ وَاحِدٍ شَاهِدًا وَاحِدًا عَلَى الْعَمِّ فَلَمَّا مَاتَ الْعَمُّ أَقَامَ الْأَجْنَبِيُّ شَاهِدًا آخَرَ فَزَكَّى شَاهِدَاهُ وَقَضَى لَهُ بِشَهَادَتِهِمَا، ثُمَّ جَاءَ ابْنُ الْأَخِ بِشَاهِدٍ آخَرَ لَا يَلْتَفِتُ إلَى ذَلِكَ، فَإِنْ أَعَادَ ابْنُ الْأَخِ شَاهِدَيْنِ عَلَى الْأَجْنَبِيِّ قَضَى بِهَا لِابْنِ الْأَخِ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ.
رَجُلٌ تُوُفِّيَ فَادَّعَى رَجُلَانِ مِيرَاثَهُ يَدَّعِي كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنَّ الْمَيِّتَ مَوْلَاهُ وَأَعْتَقَهُ لَا وَارِثَ لَهُ غَيْرُهُ وَأَقَامَا الْبَيِّنَةَ عَلَى مَا اُدُّعِيَ، وَلَمْ يُوَقِّتُوا لِلْعِتْقِ وَقْتًا فَالْمِيرَاثُ بَيْنَهُمَا، وَلَوْ وَقَّتُوا لِلْعِتْقِ وَقْتًا فَصَاحِبُ الْوَقْتِ الْأَوَّلِ أَوْلَى، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
فِي نَوَادِرِ بِشْرٍ عَنْ أَبِي يُوسُفَ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- رَجُلَانِ أَخَوَانِ لِأَبٍ فِي أَيْدِيهمَا دَارٌ أَقَامَ أَحَدُهُمَا بَيِّنَةً أَنَّ هَذِهِ الدَّارَ كَانَتْ لِأُمِّي مَاتَتْ وَتَرَكَتْهَا مِيرَاثًا بَيْنِي وَبَيْنَ أَبِي أَرْبَاعًا، ثُمَّ مَاتَ الْأَبُ وَتَرَكَ ذَلِكَ الرُّبْعَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ وَأَقَامَ الْآخَرُ بَيِّنَةً أَنَّ هَذِهِ الدَّارَ كَانَتْ لِأَبِي مَاتَ وَتَرَكَهَا مِيرَاثًا بَيْنِي وَبَيْنَك قَالَ: آخُذُ بَيِّنَةَ الَّذِي ادَّعَى ثَلَاثَةَ أَرْبَاعِ الدَّارِ لِنَفْسِهِ، وَلَا أَقْبَلُ بَيِّنَةَ الْآخَرِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.